منتدى قرية موشا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من القلب الى كل طالب وطالبة.

اذهب الى الأسفل

من القلب الى كل طالب وطالبة. Empty من القلب الى كل طالب وطالبة.

مُساهمة  المنتصر بالله الثلاثاء 23 مارس - 21:11

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الطالب, أختي الطالبة: رسالتي إليكم رسالة قلبية لطيفة أبعثها من محب لكم، مشفق عليكم، يهمه أمركم، ويشغله مستقبلكم، حريص على دراستكم وسلوككم.
رسالتي لَفْتَةٌ كريمة، ووصية نافعة، كتبتُها إلى جيلِ المستقبلِ وذخيرته، وعُدَّة الغد وفأله.
أكتب إليكم رسالتي من قلب يدمي، وعين تبكي، على واقع الأمة وحالها، وعلى يومها وغدها. واقع الأمة أيها الأعزاء مرير، وحالها بئيس، لكن فَأْلِي بكم أكبر، وثقتي فيكم متجددة.
فإلى من أراد أن يحافظ على نفسه, ويسعى جاهدًا في الطلب، وإلى كل من يريد أن يهتم بدراسته، ومستقبله السلوكي والدراسي، ويريد أن يسعى إلى القمة والمجد والكمال، أرجو منكم- أيها الأعزاء- أن ترعوني سمعكم الكريم، وتتدبروا هذه الرسالة, فهي ذكرى للمؤمنين، ومعينة للمقصِّرين، ومحفزة للجادين {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
أيها الأبناء: يا عدة المستقبل، اطلبوا العلم وأخلصوا في النية، اطلبوه لوجه الله «فالأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى» [رواه البخاري ومسلم]. والإخلاص ميزان الأعمال بل لا يكون الجزاء إلا عليه.

ورُبَّ عمل صغير تعظِّمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغِّره النية.
كما أوصيكم -أيها الأبناء- بتقوى الله في دراستكم وحياتكم؛ فإنها جماع الخير، وهي من الأسباب المعينة على تحصيل العلم النافع كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282].
فقد أفلح عبدٌ راقب الله واتقاه وسارع إلى رضاه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
فيا أيها الراجي سلامة دينه

عليك بتقوى الله ذي العرش تهتد

وإياه فارغب في الهداية للهدى

لعلك أن تنجو من النار في غد

واحبب رسول الله أكمل من دعا

إلى الله والتقوى وأكمل مرشد

واحبب لحب الله من كان مؤمنًا

وابغض لبُغْض الله أهل التمرد

عليك بالمعتقد الصحيح، معتقد سلف الأمة الصالح، دون تذبذب أو مداهنة أو مجاهلة، ففيه النجاة بإذن الله.
رسالتي إليكم أيها الأبناء، يا سواعد المستقبل:
أن تحذروا المعاصي صغيرها وكبيرها، دقَّها وجُلَّها؛ فهي من أسباب خراب القلوب، ونسيان العلم. قال : «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» [رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وغيرهم، وإسناده حسن].
أتدري ما الذي يهدم القلوب؟
أتدري ما الذي يشتت الشعوب؟
أتدري ما الذي ينكس المستقبل؟
أتدري ما الذي يضيع الأوقات ويزيد المهاترات؟
... إنها المعاصي.
قال مالك بن أنس للشافعي رحمهما الله: «إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا فلا تطفئه بظلمة المعصية».
ورحم الله الشافعي حين قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي

فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نورٌ

ونور الله لا يؤتاه عاصي

إخواني الطلاب، أخواتي الطالبات:
حافظوا على أداء الصلاة جماعة تفلحوا، واحرصوا على إتقانها تغنموا، واعلموا -أيها الأبناء- أن الصلاة تهون المشاق، وتكفِّر السيئات، وتسلي عن المصائب، وستروا البركة من الله في مالكم ودراستكم وعملكم ومستقبلكم؛ فهي قُرة أعينكم، وجنة قلوبكم، وراحة الأرواح والقلوب، ومحط استراحتكم في الدنيا؛ فالمحبون يقولون: نصلي فنستريح بصلاتنا كما قال إمامهم وقدوتهم : «أرحنا بها يا بلال» واعلموا أن أول ما يحاسب عنه العبد صلاته، فإن كان قد أتمها فقد أفلح ونجح، ولا خير في نجاح في الدنيا دون صلاة وعبادة وطاعة لله سبحانه.
رسالتي إليكم أيها الأعزاء:
أن تعتصموا بالكتاب الكريم، وأن تكثروا من قراءة القرآن، فمن قرأ حرفًا من كتاب الله, فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، واعلموا أن تعلُّمكم القرآن وحسن قراءتكم له مفتاح لكل علم، وبوابة لكل رزق.
وما أجمل الطالب حينما يكون آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، بصيرًا بالحكمة، عليمًا بالموعظة الحسنة، قدوة صالحة لا يرضى بما يضر أمته.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].
وقال : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»ذ [رواه مسلم وأحمد].
أيها الطلاب، أيها الأبناء:
الله الله في والديكم، أحسنوا إليهما وأطيعوهما، واسمعوا لهما، وقدِّموا أوامرهما على كل شيء إلا في معصية الله. {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا...} [الإسراء: 46].
اعلموا أنهما جنتكم وناركم، قال : «رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة».
إياكم إياكم من التأفف والتهرب من خدمتهما {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23]، كونوا ممن يقبِّل يديهما ورأسيهما في الصباح والمساء، ويستجيب لهما مهما كلَّفه الأمر من جهد وعناء؛ فكم شقيا وجاعا وتجرعا المتاعب ليمهدا لكم طريق الفلاح والنجاح. وكم سهرا لأجلكم.
يقول أنس بن مالك : قال رسول الله : «بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق» [حديث حسن].
الله الله في أمك. وما أجمل قول الشاعر:
لأمِّك حقٌّ لو علمتَ كبير

كثيرُك يا هذا لديه يسيرُ

فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي

لها من جواها أنَّةٌ وزفيرُ

في الوضع لو تدري عليك مشقة

فكم غُصصٍ منها الفؤاد يطيرُ

وكم غسلت عنك الأذى بيمينها

وما حجرها إلا لديك سرير

وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها

حنانًا وإشفاقًا وأنت صغيرُ

فآه لذي عقل ويتبع الهوى

وآهًا لأعمى القلب وهو بصيرُ

أيها الأبناء:
قال الكاتب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي، رحمه الله: مثل المتعلم غير المتأدب كمثل شجرة عارية، لا تورق ولا تثمر، قد انتصبت للناس في ملتقى الطرق، تعترض الرائح وتصد سبيل الغادي، فلا الناس بظلها يستظلون، ولا هم من شرها ناجون ( ).
إخوتي الطلبة: ليكن عملكم مرشدًا لكم إلى الفضائل والأخلاق الحسنة.
* وإياكم والانتقاص من قدر آبائكم وذوي الحقوق عليكم ممن فاتهم حظهم من العلم والمعرفة، فربما كان لك من أبويك أو من ذوي رحمك ممن تولوا شأنك في مفتتح عمرك من لم تساعده شؤون دهره أو عصور نشأته على أن ينال حظًا من العلم والمعرفة مثل ما نلتَ، فإياك أن يدعوك ذلك إلى السخرية به أو الإدلال بنفسك عليه، فإنك إن فعلت خسرت من الأدب أضعاف ما كسبت من العلم، على أنه ربما كان لكبيرك هذا الذي عققته وظلمته، وكفرت بفضل نعمته عليك من العلم بتجارب الحياة وموارد الأمور ومصادرها ما يبهر علمك الذي تعتدُّ به، وتدلُّ بمكانك منه عليه، وهنالك تكون قد خسرت فوق خسران أدبك ما كان خليقًا بك أن تتلقاه بين يديه من علوم التجارب التي ليست علوم الدراسة بالإضافة إليها إلا كالنقطة من البحر، والمدرة من القفر ( ).
* صلوا أرحامكم، وأحسنوا إلى جيرانكم، وتفقدوا أحوالهم. احرصوا على كسبهم، وتذكروا قول الحبيب : «يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» [رواه مسلم].
أيها الطلاب:
اعلموا أن واقع إخوانكم الطلاب من المسلمين واقع مرير، وحالهم في حاجة إلى نصرة، وفي حاجة إلى أن يستشعروا معنى الأخوة، واعلموا أن المسلمين على كثرتهم، وتوفر الثروات في بلادهم، واتساع أوطانهم، إلا أنهم أقل العالم إنتاجًا، وأكثرهم فقرًا وحاجةً، وأضعفهم قوة وإرادة، وأكثرهم مصائب ومشاكل.
فعليك واجب تجاههم بنصرتهم ومساعدتهم والإحسان إليهم؛ فالصدقة تطفئ غضب الرب، وتزكي وتطهر من الشح، وصدق الله حين قال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
* اجتهدوا في الطلب، وكرسوا جهودكم في الحفظ والفهم. فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر، بادروا قبل أن تشغلوا بهموم الدنيا، واقبلوا على الطلب من غير ملل وتضجر، واعلموا أن بلادكم في حاجة إليكم، وإلى إبداعكم.

اطلب العلم ولا تكسل فما

أبعد الخير على أهل الكسل

واهجر النوم وحصله فمن

يعرف المطلوب يحقر ما بذل

أيها الطلاب: المعلم هو الأب.. وهو الجذوة المتوقدة التي أحرقت نفسها لتضيء لكم، وهو النبع الصافي الذي طالما شربتم منه ورويتم.
الله الله في معلميكم. احترموا أساتذتكم الذين علَّموكم العلم، واعرفوا قدرهم وقدر مكانتهم، فللمعلم عليكم وعلى الأجيال فضلٌ وله مكانة.
يا ربّ قد أذنبت فاقبل توبتي

مَن يغفر الذنب العظيم سواك

ورحم الله سعيد بن جبير حين قال: كان ابن عباس يحدثني بالحديث فلو يأذن لي أقبِّل رأسه لقبَّلت.
وكان هارون بن زياد مؤدبًا للخليقة الواثق بالله، ولما تولى الواثق بالله الخلافة دخل عليه هارون فبالغ في إكرامه، فلما خرج قيل له: مَنْ هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا الذي أول من فتَّق لساني بذكر الله وأدناني من رحمة الله.
هو العضب المهند ليس ينبو

تنال به مقاتل من أردتا

وكنزٌ لا تخاف عليه لصًّا

خفيف الحمل يوجد حيث كنتا

يزيد بكثرة الإنفاق منه

وينقص إن به كفًّا شددتا

فبادر وخذ بالجد منه

فإن أعطاكه الله انتفعتا

أيها الطلاب:
احرصوا على أداء الواجب اليومي، ولا تؤخروا عملاً للغد، واحذروا الكسل والبطالة والعجز، فلقد استعاذ منهم الحبيب  فقال: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل».
إننا في حاجة إلى تقدمكم ونجاحكم، لا نريد الفشل والذم لكم, لا تعتمدوا على شرف الآباء وأحسابهم، فحسبكم قيمتكم وشرفكم نجاحكم:
من فاته حسب نفسه

لم ينفعه حسب أبيه

ثابروا على العمل بالصبر والنظر إلى المستقبل، واعتبروا من عواقب الأمور وتغير الزمن؛ فإن في ذلك معونة عزيمة لكم.
لا تحسبنَّ المجد تمرًا أنت آكله

لن تدرك المجد حتى تلعق الصبرا

هذا هو (القفال) من علماء الشافعية رحمه الله، أراد أن يطلب العلم وعمره أربعون سنة، وذهب في الصباح فجاءه الشيطان وقال: تطلب العلم وأنت في الأربعين، فعاد فرأى رجلاً يسقي الزرع، ويخرج الماء من البئر بالحبل، فوجد الحبل قد أثَّر في الصخر فقال:
اطلب ولا تضجر من مطلب

فآفة الطالب أن يضجرا

أما ترى الحبل بطول المدى

على حليب الصخر قد أثَّرا

وجلس أحد الحكماء بجنب شجرة فقامت النملة تريد أن تصعد الشجرة فسقطت، فحاولت فسقطت، وحاولت فقسطت، وبعد السبعين حاولت وطلعت، وهذا بالصبر والمثابرة.
* أيها الطلاب: عليكم بالتخلص من مشاكلكم في حينها، وبث همكم لوالديكم، أو لإخوانكم، أو لمن تحبونه وترون فيه النصح، أو للثقات الأخيار الذين يحفظون سرَّكم ونجواكم، ويعينونكم على نوائب الدهر والمحدثات, عليكم باللجوء إلى الله، وأكثروا من قول «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث». واحذروا من احتقار زملائكم والاستهزاء بهم، وقابلوهم بوجه طلق المحيا، بادي الثنايا، وابتسامة لطيفة، قال : «... إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» [رواه أحمد وأبو داود].
دعوا عنكم الفظاظة والغلظة، فإنها من أخلاق الجفاة، وجنود البربر، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
واعلموا -يرحمكم الله- أن السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ بمساوئ الأخلاق «بحسب امرئ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم» [رواه أبو داود والترمذي].
أيها الطلاب:
* غضوا أبصاركم عن الحرام من النساء والوالدان، واحفظوا فروجكم عن الحرام، وابتعدوا عن المعاكسات والمهاترات الصبيانية التي لا تنم عن خلق صحيح، وتربية سليمة، أو جدية في العمل، بل خور في الفكر، وهزيمة في النفس، وضعف في الإيمان، وسقوط في الرذائل، «فالنظرة سهمٌ من سهامِ إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه» [رواه الطبراني].
ولله در الشاعر حين قال:
كل الحوادث مبداها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت بقلب صاحبها

فتلك السهام بلا قوس ولا وتر

والعبد ما دام ذا طرف يقلِّبه

في أعين الغيد موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضرَّ مهجته

لا مرحبًا بسرور جاء بالضرر

* احرصوا على جلب الفرح والسرور لإخوانكم وزملائكم، فأفضل الأعمال كما قال عليه الصلاة والسلام: «أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطعمه خبزًا» [حديث حسن].

وقال علي بن أبي طالب : «إن الجنة لتساق إلى مَنْ سعى لأخيه المؤمن في قضاء حوائجه يصلح شأنه علي يديه».
وإذا أردت منازل الأشراف

فعليك بالإسعاف والإنصاف

* من الأشياء المحمودة الحرص على الرياضة، فالنفوس تتطلع دومًا للهو البريء والترفيه.
فقد كان لشباب السلف وهم من خير القرون رياضة. فقد سابق رسول الله  أصحابه وزوجه، وقال: «ألا إن القوة الرمي» وحثَّ عمر الناس على السباحة والرماية وركوب الخيل، وهكذا تتعانق الرياضة وبرامج الترفيه لدى هؤلاء مع الأهداف السامية الطموحة لمزيد من الجدية والنشاط والحيوية, لكنهم لم يفعلوا حرامًا، ولم يتركوا واجبًا، ولم يغيروا ثابتًا.
أيها الطلبة:
* تجنبوا الغش في كل شيء، فقد قال : «من غشنا فليس منا»، وتجنبوا الحقد والحسد، وكونوا سليمي القلب. فقد بشَّر النبي  رجلاً بالجنة بسبب سلامة صدره وحسن طويته. دعوا قلوبكم طاهرة من الرذائل والأمراض الخبيثة، فلا حسد ولا كِبر، ولا بغضاء ولا شحناء، ولكن حب وإخلاص، فالحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
* احرصوا على الصدق وتجنب الكذب في حياتكم ودراستكم، فقد أثنى الله ورسوله على الصادقين. فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
وقال : «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِيْ إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يَهْدِيْ إلى الجنَّةِ، وَإنَّ الرجلَ ليصدق حتى يُكتب عند الله صِدِّيقًا. وإن الكذبَ يَهْدِيْ إلى الفجور، وإن الفُجورَ يَهْدِيْ إلى النَّارِ، وإن الرجل ليكذب حتى يُكْتَبَ عند الله كذَّابًا» [متفق عليه].
وقال : «ويلٌ للذي يحدث فيكذبُ ليضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له» [رواه أبو داود والترمذي. وهو حديثٌ حسنٌ].
عوِّد لسانك قول الصدق تحظ به

إن اللسان لما عوَّدت معتاد

أخي الطالب, أختي الطالبة:
* جميل أن تلبسوا الجميل، وأن تكونوا بصورة لائقة بكم موافقة لطيب قلوبكم وحسن ذوقكم، وتتحدثوا بنعمة الله عليكم، جاء رجل إلى النبي  فقال: إن الرجل يحب أن يلبس ثوبًا نظيفًا، ونعلاً نظيفًا، أفي ذلك كبر؟ فقال : «إن الله جميل يحب الجمال».
ولكن يجب عليكم أن تحذروا التبذير والإسراف والتشبه بالكفار والمنافقين؛ لتعيشوا أعزاء رافعي الرءوس معتزينَ بشخصيتكم الأبية دون تشبه، فبعض الطلبة -هداهم الله- يعتني بنفسه كما تعتني النساء.
إسلامنا -أيها الأبناء- يهدف إلى تحسين الباطن والظاهر سويًّا، فهو دين روعة وجمال، فعليكم باللباس الأبيض النظيف الجميل، وإياكم ولبس الميوعة والأنوثة. وكونوا معتدلين في شؤونكم، وعليكم بالطيب والسواك، وخصال الفطرة. فإنها سنة نبيكم محمد .
* واعلموا أن كل صداقة وخلة وصحبة في الدنيا لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عزَّ وجلَّ فإنه أدوم وأبقى. اختاروا من زملائكم من استقامت أخلاقهم، وطابت سريرتهم، وصلحت طويتهم، وحسنت تربيتهم، وزادت عناية أهلهم بهم {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].
وما أجمل قول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن يقتدي

وقال الآخر:
أنتَ بالناس تقاس

بالذي اخترت خليلا

فاصحب الأخيار تعلو

وتنل ذكرًا جميلا

صحبة الخامل تكسو

من يواخيه خمولا

* احرصوا مسالك الهالكين، وابتعدوا عن متابعة المنحرفين والمخدوعين، وتأسوا بالصالحين، وليكن هدفكم من العلم والتعليم إرادة الخير ونفع المسلمين وتهذيب النفوس.

* احرصوا -أيها الأحباب- على أدب الحديث مع إخوانكم ومعلميكم، وليكن مزاحكم لطيفًا مناسبًا بعيدًا عن مماراة السفهاء وألاعيب الجهال، وتصرفات الفاسقين الذين لا يعرفون إلا الكذب في مزاحهم، وسوء التصرف في أفعالهم.
أيها الأحباب:
* احذروا ما يفعله بعض السفهاء والمخدوعين من الكتابة على الجدران في داخل المدرسة وخارجها، وفي دورات المياه، وعلى السور الخارجي والأماكن العامة؛ فهذا مظهر يدل على التخلف، وعلى ضعف الإحساس، بل مظهر يدل على الحالة النفسية التي يعيشها الطالب مع نفسه ومن حوله.
أيها الطلاب: إن تبادل الرسائل والصور والأفلام عادة قبيحة يفعلها السذج من الناس، فاحذروها، وامتنعوا عنها. وكونوا سدًا منيعًا لكل من تسوِّل له نفسه ترويجها، فكم والله خربت هذه الوسائل القذرة من بيوت، وكم دنَّست من شرفاء، وأضاعت من أبرياء، ودمرت من منازل.
أيها الطالب النجيب, يا فلذة الكبد، ويا رجل المستقبل: أوصيك بصبر السابقين ومواعظ الأسلاف. ففيها عظات. فقد أوصى عبد الملك بنيه عند موته بوصايا هامة أجدها مناسبة لأحدثك بها، قال لهم:
«أوصيكم بتقوى الله فإنها أزين وأحصن كهف، وليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير، وكونوا بني أم بررة لا تدب بينكم العقارب، وكونوا في الحرب أحرارًا، فإن القتال لا يقرب ميتة، وكونوا للمعروف منارًا، فإن المعروف يبقى أجره وذكره، وضعوا معروفكم عند ذوي الأحساب؛ فإنهم أصون له وأشكر لما يؤتى إليهم منه، وتعهدوا ذنوب أهل الذنوب, فإن استعالوا فاقيلوا، وإن عادوا فانتقموا»( ).
وقال بزر جمهر حكيم الفرس:
نصحني النصحاء ووعظني الوعاظ فلم يعظني أحدًا مثل شَيْبِي، ولا نصحني مثل فكري. وملكت العبيد والأحرار فلم يملكني أحد، ولا قهرني غير هواي، وعاداني الأعداء فلم أرَ أعدى من نفسي إذا جهلت.. وزاحمتني المضايق فلم يزاحمني مثل الخلق السوء, ووقعت أبعد البعد وأطول الطول فلم أقع في شيء أضر عليَّ من لساني، ومشيت على الجمر ووطئت الرمضاء فلم أر نارًا أحر علي من غضبي إذا تمكَّن مني. وطالبتني الطلاب فلم يدركني مدرك مثل إساءتي، ونظرت ما الداء القاتل ومن أين يأتيني فوجدته من معصية ربي سبحانه وتعالى. والتمست الراحة لنفسي فلم أجد شيئًا أرفع لها من تركها ما لا يعنيها، وركبت البحار، ورأيت الأهوال فلم أر هولاً مثل الوقوف على باب سلطان جائر، وتوحشت في البرية والجبال فلم أر أوحش من قرين السوء، وأكلت الطيب وشربت ما لذَّ فلم أجد شيئًا ألذ من العافية والأمن، ونقلت الصخر فلم أر حملاً أثقل من الدَّين، وشيَّدت البنيان لأعز به وأُذكر فلم أر أعز شرفًا من اصطناع المعروف. ولبست الثياب الفاخرة فلم ألبس شيئًا أجمل من التقوى. اهـ.
* عليكم أيها الأبناء حفظ القرآن وتعلمه؛ فالقرآن دستور الأمة وأساس نهضتها، وبه أنقذها الله من الظلمات إلى النور وعليكم بكثرة العبادة والدعوة إلى الله والمبادرة والإنفاق في سبيل الله.
* عليكم بالتوبة والاستغفار؛ فإنك لا تزداد في العلم بصيرة وإدراكًا وفهمًا إلا مع كثرة التوبة والاستغفار، أكثر منها وأنت في فصلك وفسحتك، ومجيئك، وخروجك، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق أبناءنا وطلابنا للبر بوالديهم والإحسان إليهم، وحسن الظن والبشاشة بالآخرين، والبعد عن الأنانية وحب الذات, وأسأل سبحانه وتعالى أن يوفِّقهم لكل خير، وأن يكونوا عُدة للمستقبل وذخيرة اليوم، إنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المنتصر بالله
المنتصر بالله
مشرف منتدى اسلاميات ومنتدى عاوزين نتغير
مشرف منتدى اسلاميات ومنتدى عاوزين نتغير

عدد المساهمات : 181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/02/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى